الجمعة، 25 أكتوبر 2013

الطفلة الصغيرة.....أديث بيّاف




الطفلة الصغيرة.....أديث بيّاف 

غلاف لكتاب "بياف، أسطورة فرنسية" صدر عن "دار فايار" للمؤلف روبير بيلوري

أديت بيّاف تحمل في صوتها باريس بشوارعها ومقاهيّها، بحدائِقها وأهازيجها ،صوتها الأنيّق يختزل أناقة باريس ،جسم صغير اسكنه المرض حمل فرنسا إلى العالم
ولدت في 19 من ديسمبر  من 1915 بمستشفى (تينون)،امها ذات جذور مغربية والدها (هو لويس ألفونس جازون)  عارض بهلواني في الشوارع إضافة إلى كونه مسرحي وهو من اصول إيطالية، تُركت اديت بيّاف حديثة السن من قبل والديها وعهد بها إلى جدتها من جهة الام عائشة سيد بن محمد (ذات أصول مغربية من مدينة الصويرة).
..من شارع "لابيغال" سيء الصيت ..ظهرت موهبة بيّاف في الغنّاء  ،ومن ""كاباريه جيرني" في شارع "الايتوال" في باريس يلتقطها لويس لوبلي مالك الكباريّة لتبدأ مسيرتها ويطلق عليها اللقب الذي التصق بها طوال حياتها  ،لموم 'La Môme' أي الطفلة الصغيرة  لقصر قامتها التي لم تتجاوز 142 سنتيمتراً  . بعدها كان هناك منعطف في حياة بيّاف  فقد قُتل لويس لوبلي وكانت من ضمن المشتبه بهم الذي تم توقيفهم .
ظهر في حياة بيّاف  رجل اسمه "جاك بورجا" الذي سيكون له دور مهم في حياة بيّاف ، فقد أصبح مرشد بياف وأستاذها وصديقها المقرّب الذي تَفشي له بكل أسرارها. والذي قرر في أيامه الأخيرة أن يهب جزءاً كبيراً من رسائل اديت بياف الموجهة إليه  إلى  "المكتبة الوطنية"
أديت بيّاف

كان في ذاكرة بيّاف جرح مخفي كبير جعلها تُعاقر الخمر وتغوص في حالة اكتئاب دائمه  وهو وفاة ابنتها مارسيل  صغيرة بفعل التهاب السحايا ،استطاعت بيّاف أن تتجاوز حزنها مؤقتاً بعد تعرفها على الملاكم الفرنسي العالمي "مارسيل سيردان " الذي التقته في أمريكا وعاشت معه قصة حُب اشبه بالخيالية , إلاّ ان وفاته المفاجئة إثر حادث تحطم طائرته القادمة من باريس عندما كان قادما لزيارتها جعلها تصاب بهذيان كبير، تعرضت من بعده لحادث سير أدى إلى كسور في جسدها جعل منها مدمنة على المورفين الذي كان يستخدمه أطبائها لتسكين أوجاعها

صورة تجمع مارسيل سيردان وبيّاف 


بعدها أمضت بيّاف حياتها في نكسات وتخبطات وظل حولها فئة محدودة من الأصدقاء  حتى توفت في 11 تشرين الأول 1963 عن عمر يناهز 47 عاماً ،نتيجة أصابتها  بيّاف بتشمع في الكبد وشلل جسدي واكتئاب حاد .

وتعتبر  أغنية " لا لست نادمة على شيء 1960Non je ne regrette rien ‘."الفنية و قد لخصت تلك الأغنية نوعاً ما حياة بيّاف البائسة.
  الرابط لأغنية "لا لست نادمة على شيء" من فيلم film La Vie En Rose 2007 بطولة الممثلة ماريون كوتيار

سجلت في ربيع 1963 آخر أغنياتها "رجلٌ من برلين" قبل أن تفارق الحياة وتدفن الى جوار ابنتها في أكتوبر من العام نفسه. ورغم إن الكنيسة الكاثوليكية في باريس قد امتنعت عن إقامة قداسٍ رسمي على وفاتها (بسبب ملاحظاتها على أسلوب حياتها) فقد شهدت باريس واحدةً من أضخم المسيرات الجنائزية في تاريخها وتدفق عشرات الآلاف من مواطنيها الى الشوارع والساحات لتوديع مطربتهم العظيمة.

الأربعاء، 23 أكتوبر 2013

التفكير السلبي في مواقع التواصل الإجتماعي يحجب تداول الأخبار الإيجابية




التفكير السلبي  في مواقع التواصل الاجتماعي يحجب تداول الأخبار الإيجابية




المتابع للصفحات الليبية على شبكات التواصل الاجتماعي سواء كانت عامة أو تابعة لأشخاص ،والمتفاعل مع عامة الشعب في المدارس والجامعات والمقرات الحكومية يكتشف أنه يعيش بين مجتمعين ،مجتمع فيس بوكي  يُصدر كل الأخبار السلبية  وكأني به يحمل شعار "أنا متشائم إذاً أنا ليبي " ومجتمع متفاعل مع الحياة أهم أولوياته توفير حياة كريمة لعائلته وتوفير نظام صحي وتعليمي عالي المستوى لأبنائه ..مُجتمع أنغمس في السياسة والتحليل والشائعات ومجتمع لا يأبه حقيقةً لما يحدث في أروقة المؤتمر من تجاذبات سياسية وكل همه القوانين التي تُسير حياته اليومية .
التفكير السلبي المتمثل في (ثقافة التشاؤم في مواقع التواصل الاجتماعي )  حيث يغيب عنهم مشاركة أخبار  إيجابية كفوز طبيب ليبي بجائزة حمدان الطبية لعمله على  بحث يتعلق   بعلاج الشلل الارتعاشي (البركنسون) ،أو فوز  أحد الأطباء بوسام ما في المملكة المتحدة ، او خبر عن استكمال أحد المشاريع ، او مبادرة انسانية من أحدى الجمعيات ..ألخ و ثقافة التشاؤم هي نفسها  التي منعت بعض النشطاء وبعض الإعلاميين  وبعض المتفاعلين في مواقع التواصل الاجتماعي من الإشارة إلى دراسة قام بها "المعهد الديمقراطي الوطني"National Democratic Institute  وهي عبارة عن دراسة شملت لقاءات مباشرة مع 1200 مواطن ليبي في فترة ما بين 10 إلى 30 مايو 2013 م وتم اختيار 1200 مواطن بطريقة عشوائية من 13 محافظة ليبية .الدراسة تحمل عنوان
وقد نشرت على موقع المعهد في 19 اغسطس 2013م، ولنأتي لذكر ما ورد  تباعاً  في تلك الدراسة تقول الدراسة أن 62% من الليبيين متفائلين Optimistic وأن 19% من الليبيين متفائلين جــداً Very Optimistic،وهذا يجعل تيار المتفائلين في ليبيا يكتسح تيار المتشائمين بنسبة 81%، بينما المتشائمون كان نصيبهم 19% فقط .
ووجد أن مخاوف المتفائلين تتمحور حول ثلاث نقاط :الاستقرار السياسي ،نزع السلاح ، الأمن ورغم مخاوفهم يدركون أن المسألة تحتاج إلى وقت .
ومع الإحداث الأخيرة في مصر وتنادي بعض الأصوات إلغاء الأحزاب في ليبيا ونزع الشرعية عن المؤتمر إلا أن 63% من الليبيين يرون ان أداء المؤتمر يمكن تصنيفه بين الجيد جداً والجيد ،ويرى 83% من الليبيين أن الحكومة تعتبر الأداة الأفضل للديمقراطية وأقرب تعريف للديمقراطية وللحقوق والحريات .
كما يرى 86% من الليبيين أن الأحزاب السياسة ضرورية للعمل الديمقراطي ولكن 59% يظهرون عدم ثقتهم في هذه الأحزاب ويرون أدائها منخفض
وقد اتفق 83% من المشمولين بالدراسة أن انتخابات 2012 والتي أتت بالمؤتمر الوطني العام كانت انتخابات عادلة وحرة وشفافة .
وكما ذكر "ديرك فاندويل"  أستاذ مساعد لإدارة الأعمال في كلية دارتموث  وهو المتخصص منذ 20 عاماً في دراسة التاريخ الليبي الحديث وقد كتب مقالته بعد  اغتيال السفير الأمريكي في بنغازي  وتم نشرها في مقالة  بعنوان After Qaddafi: The Surprising Success of the New Libya   ،تفاؤل حذر: هل أفلتت ليبيا بعد الثورة من سيناريو الدولة الفاشلة؟  في  موقع   Foreign Affairs اقتطفنا منها هذا الجزء: (لكن الآن، وخلافاً للتوقعات، تبرز ليبيا كواحد من أنجح البلدان التي تخرج من الانتفاضات التي هزت العالم العربي على مدى العامين الماضيين. ففي 7 يوليو 2012 ، أجرت ليبيا أول انتخابات وطنية تشهدها منذ سقوط القذافي، صوّت خلالها المواطنون في سلام لاختيار المؤتمر الوطني العام الجديد المؤلف من 200 عضو. وبعد ذلك بشهر واحد، قام المجلس الانتقالي الوطني- الذي برز بصفته القيادة السياسية للمعارضة أثناء الأيام الأولى من الحرب الأهلية - بنقل صلاحياته رسميًا إلى المؤتمر الوطني العام. وسوف تتولى الآن لجنة مهمة صياغة دستور البلاد الذي سيُطرح بعدئذ على الشعب في استفتاء عام. وقد سارت كل هذه التطورات وفق الجدول الزمني الذي وضعه المجلس الانتقالي الوطني في خضم الحرب. هناك صعوبات هائلة في الطريق، لكن السلاسة غير المتوقعة للتحول السياسي في ليبيا، حتى الآن، تمثل إنجازًا بالنسبة لبلد لا يزال يترنح، نتيجة عقود من ديكتاتورية القذافي))..
إذا إلى المتشائمين من بني قومنا يقول أحدهم "التشاؤم علامة العجز ،فنحن نُصبح متشائمين عندما  نشعر بعجزنا عن السيطرة " ،فاجعل قاعدتك في الحياة "أنا ليبي إذاً أنا مُتفائل "  وكُن  من أصحاب التفكير الإيجابي فتشاؤمك لن يُغير شيئاً و حاول ان تجعل لصفحتك ولأحاديثك اليومية نصيباً من بعض الأخبار الإيجابية  وانظر إلى الجزء الممتلئ من الكأس  .


الثلاثاء، 22 أكتوبر 2013

دور المثقف الليبي في البناء "في ذكرى التحرير الثانية"





دور المثقف الليبي في البناء "في ذكرى التحرير الثانية"


غداً تحل الذكرى الثانية لتحرير ليبيا او كما يحلو للبعض عيد الزواج بأربعة  بعد 9 أشهر من اندلاع شرار الثورة في السابع عشر من فبراير أو الخامس عشر من فبراير ،تحرير صوري أم تحرير حقيقي كما يسميه البعض ،عندما تأتي لحدث مهم كهذا وتجد اختلاف الشعب حول تسميته وتعريفه تُدرك حقاً مقدار التشتت والضياع الذي طال الليبيين نتيجة 9 أشهر من القتال الضروس ،للحروب آثار نفسية ويبدو أن الشعب الليبي تأثر من هذه الحرب وزاد الوضع الحالي الذي تمر بيه ليبيا من زيادة التشتت والضياع ،الكل متذمر والكل فقد الأمل في انشاء الدولة التي انشدوا لها الأغاني مع بداية انطلاق الشرارة المختلف على موعدها  ومكانها ايضاً، لن نتكلم عن الأداء الحكومي التنفيذي الضعيف ولا الأداء التشريعي المتمثل في المؤتمر الذي يحمل صفة الضعف ايضاً  ولا الانفلات الأمني وازدياد نسبة الاغتيالات وتبادل الاتهامات ،و لا المصطلح الذي اضافه زيدان الى القاموس السياسي الشعب الليبي المتمثل في "المماحكات" السياسية ،فالمماحكات طالت كل شيء في ليبيا واصبحت اسلوب حياة هنا .
لكن لنتكلم عن فترة الثورة قليلاً تلك الفترة التي جمعت القلب على القلب ولعل جمعها كان بسبب التخلص من ظل رجل طغى على دولة كاملة واخفاها بين ثنايا عباءته السوداء ، ظننا كُلنا أن بناء الدولة سهل جداً وأن كل الشر يتجمع في ثنايا روح ذلك الطاغية متناسيين أنا سنواجه تركة عظيمة من الفساد  الذي نخر مؤسسات الدولة والبطانة المحيطة به التي لن تسلم بسهولة لغياب عباءة العقيد ، النظام الإقليمي المتصل بهذا الرجل ، مخاوف الدول ان تمكنت ليبيا من تأسيس نظام ديمقراطي عادل يغري شعوب لها نفس سمات ووضعية الشعب الليبي بنفض عباءة طغاتها هي ايضاً. .ووجدنا انفسنا بعد التحرير بدل أن نلتفت لبناء الدولة نصارع كيانات ودول ترغب في ارهاق وتشتيت شعب مرهق ومشتت في الأصل
في العالم  يقال  إن البلدان المصدرة للنفط مكتوب عليها الاستبداد والركود تحت قاعدة لعنة الموارد الطبيعية وليبيا إلى الآن تحاول أن تكون استثناء وتثبت للجميع ما قاله ارسطو يوماً "من ليبيا يأتي الجديد" 
لنأتي لما يمكن أن نقوم به كشعب وسأتكلم عن طبقة مهمة غائبة عن الحراك الوطني لنشوء الدولة  : يُدرك الجميع أننا نفتقد لطبقة المثقفين الحقيقيين ودعوني اوضح معنى التعريف الحقيقي لكلمة مثقف ودوره كما جاء على لسان المفكر الفلسطيني إدوار سعيد "فمفهومي لمصطلح المثقف أو المُفكر يقول أنه ,في جوهره , ليس داعيةَ مُسالمةٍ ولا داعية اتفاق في الآراء, لكنه شخص يخاطر بكيانه كله باتخاذ موقفه الحساس, وهو موقف الإصرار على رفض الصيغ السهلة , والأقوال الجاهزة والتأكيدات المهذبة القائمة على المصالحات اللبقة والاتفاق على كل ما يقوله وما يفعله أصحاب السلطة وذوو الأفكار التقليدية.ولا يقتصر رفض المثقف على الرفض السلبي, بل يتضمن الاستعداد لإعلان رفضه على الملأ وهو ايضاً" المثقف هو الشخص الملتزم والواعي اجتماعيا بحيث يكون بمقدوره رؤية المجتمع والوقوف على مشاكله وخصائصه وملامحه وما يتبع ذلك من دور اجتماعي فاعل من المفروض أن يقوم بتصحيح مسارات مجتمعية خاطئة
لو كان لدينا هذه الطبقة لكانوا اول المسامير وأهمها الضاربة في تابوت النظام الجماهيري ولكن كلنا نعرف ما سمة المثقفين الذين نمتلكهم حالياً ، وكما يذكر إدوارد سعيد "يجب دائما على المرء أن يبدأ مقاومته من وطنه ضد السلطة كمواطن يمكنه التأثير"، لماذا كان من الأهمية وجود مثقفين من هذه  النوعية ببساطة وكما فسر ادوار مرة اخرى هذا الأمر على ان المثقف شخص ملتزم بمبدأ واعي اجتماعياً هذا الوعي يمكنه من رؤية المجتمع والوقوف على مواطن الخلل وملامح المشكلة فيقوم بتصحيح مسار هذا المجتمع من خلال تبنيه مشروع معين يُطبقه على أرض الواقع وليس في الفنادق . وجود مثقفين من هذا النوع كان سينشأ مع مرور الوقت تيار واعي ضاغط كان بحلول نهاية الثورة سيملأ الفراغ  ويوجه الشارع الليبي الى النقاط المهمة والخطوات اللازمة لبناء الدولة بدل استنزاف ما تبقى من قوة وصبر هذا الشعب في اشياء تزيد من تشتته وضياعه  .
نأتي للحل على مستوى الطبقة القيادية ولا ضير ان نعترف أن الجميّع قد فشل ،المطلوب حالياً  لبناء الدولة  وإظهار الهوية الوطنية ان نمتلك قيادة جيدة،  وروح جماعية مستعدة للتوافق على اسس صحيحة ،قيادة تُدرك كيفية خلق توازنات مع القوى الإقليمية المحيطة بليبيا ، قيادة لا تشعر بالخجل من طلب المساعدة من الأمم المتحدة لبناء مؤسسات الدولة ،قيادة تؤسس لخطاب جامع  مستمر  يحاول اخراج الليبيين من التشتت والضياع ،قيادة تعيد ترميم الثقة المفقودة بين الحاكم والمحكوم ،كل ذلك يُدرك أي عاقل أنه يحتاج لوقت يعتبر طويل عند بعض الليبيين ولكن هكذا تبنى الدول .

يرى البعض ان  الذكرى السنوية لعيد التحرير مع اوضاع البلاد السيئة شيء يدعو لفقدان الأمل من دولتنا ،ولكنها مناسبة لإعادة ترتيب اولويات هذا الشعب والقيادة الموجودة حالياً .
يجب ان يكون خطاب التحرير بعيد كل البعد عن اجترار تاريخ تلك المرحلة المشرفة من الثورة  والتذكير بمساوئ ذلك الطاغية  دون استخدامها في اعادة قراءة المشهد لتوضيح الصورة للشعب  ليدركوا ما يُحاك لهم  حقاً  من قبل بعض القوى الإقليمية  يجب ان يكون اجترار له فوائد وليس فقط لملء الفراغ في الخطاب  ،يجب ان يكون الخطاب رسالة قوية لليبيين انفسهم  يجب ان ُنبه الليبيين  ان قوة الداخل الليبي  تمنع أي انزلاق نحو الهاوية ، يجب ان يكون الخطاب غداً كالصفعة القوية التي تعيد قطار الدولة إلى مسارها الصحيح .

أتمنى أن يُدرك من هم على سدة الحُكم هذه النقطة