الاثنين، 26 أغسطس 2013

مذكرات شيرين عبادي ..كما قرأتُها

 مذكرات شيرين عبادي بعنوان

يجب أن تُدرك أنك لا تقرأ كتاباً مُعتاداً عن السيرة الذاتية لأحدهم ،ولا تقرأ كتاب يؤصل ويوضح  تلك المراحل التي مرت بها إيران منذ إسقاط مُصدق  وهروب الشاه إلى قيام مايعرف "بالجمهورية الأيرانية " ،رغم أن الكتاب يحوي من التفاصيل ما يُمكنك من قراءت تجارب شخصية مهمة ويُمكنك من تلخيص رؤية مُعينة حول تلك الفترة التاريخية من عمر إيران ،ولكن الحقيقة هي أنك في هذا الكتاب  تقرأ قوة الأرادة التي مكنت شيرين وغيرها من التأقلم مع محيطهم القاسي وانشاء طرق سلمية من الداخل لإعادة تشكيل الواقع الأيراني ..كيف استطاعت شيرين رغم الصعوبات أن تستمر في حمل رسالتها رغم المعوقات التي وضعت أمامها ..وكيف أيقنت أنها ستُهزم فقط أن جعلت خوفها يُسيطر عليها .





غلاف كتاب "أيران تستيقظ..مذكرات الثورة والأمل "





لنبدأ أولاً في أهم مرحلة تمر بها أي ثورة  وبالأمكان أن نُطلق عليها "العدالة الثورية "أو "الأستبداد الثوري" .تلك المرحلة التي تحمل أول عثرات أي ثورة قامت من أجل رفع الظلم وإحقاق العدل فيقع المظلومون في أفعال ظالميهم وتعمي بصيرتهم نشوة الإنتصار ،هنا تحدث ردة فعل"الحيرة" و "الخيبة" لمن آمن أن الثورة حقاً جسم طوباوي لن يتلوث ،أصحاب المبادىْ  الذين ظنوا أن الثورة ستحمي نفسها من خلال مبادئها ..الساذجون أن صح تسميتهم .. ولعل شيرين  في سيرتها استدلت  بشعور الخيبة الذي تملكها بأمير عباس هويدا وهو رئيس وزراء خدم الشاه طوال اربعة عشر عاماً والقى به الشاه في غياهب السجن قبل عام من الثورة كضحية بشرية لأتقاء الحقن الشعبي ضد الوضع العام في إيران ..عندما حدثت الثورة هرب حراس السجن الذي يقبع فيه أمير وطلبوا منه الهرب هو ايضاً ولكن سذاجته اقنعته وهو البريء أن ثورة قامت من اجل المظلومين ستنصره وكان نصره بأن تم اعدامه من قبل الثوريين !!

تتحدث بعدها شيرين عن النظام الأمني الذي تم خلقه في ظل "الجمهورية الأسلامية" نظام أمني يشي به الجار على ابن حيه والصديقة على صديقتها ورفيق العمل على من يعمل معهم ..مما أدى لتكون كتلة صماء من المشاعر الشك الذي نتج عن تقوقع الجميع ..وأدى إلى خلل في العلاقات الإجتماعية مع الوقت ولعلنا نحن من عشنا في نظام أمني مشابه لنظام إيران أكثر الناس إدراكاً لمدى قسوة هذا الشعور بعدم الآمان حتى مع من يرتبطون معنا برابطة الدم .

القارىء لكتاب شيرين يُدرك حقيقةً كيف اننا أمتهانا نحن العرب  مصطلح "ناشط حقوقي" أو "ناشط سياسي" ..كلف شيرين هذا اللقب ما يقارب ال 30 عاماً من العمل والتحدي والعناد للسلطة الأيرانية  ومن الداخل ايضاً ،حرصاً منها على وطنها وإيقانها أن أي أصلاح يكون أكثر نجاعة إن كان من الداخل .

في نهاية الكتاب تتحدث شيرين عن المحاولات الأصلاحية لنظام الرئيس خاتمي   و محاولة  مجابهة نظام ديني مبني على الخرافة أكبر منه ..وأنه للأسف كان يحتاج لدعم شعبي أكثر  ليستطيع التغيير وهذا ما لم يُدركه الشعب ،،فرحوا لإنتخابه وحلموا أن غداً سيتمكنون من رؤية إيران كدولة حرة وديمقراطية  ..ورجعوا إلى بيوتهم وناموا !!


 بعدها تتحدث شيرين عن زهراء كاظمي تلك الصحفية الإيرانية التي قتلت تحت التعذيب وأصبحت قضيتها مثاراً  للجدل ،وكانت أول قضية يعترف بها النظام بعد محاولات يائسة منه لإخفاء فعلتهِ ..في آخر الكتاب تتحدث شيرين عن جائزة نوبل عن صراعها لمحاولة نشر كتابها هذا في أمريكا 





شيرين عبادي مع غطاء الرأس

(ملاحظة: تعمدت عدم الإتيان على لفظ “الجمهورية الإسلامية” إلا مرتين وبوضعمها، فوق ذلك، بين مزدوجين دلالة على غرابة المفهوم وعدم قناعتي به. ولا يأتي ذلك من أني لا أؤمن بـ”الإسلام السياسي” أو بوجوب وجود علاقة بين الدين والسياسة، إنما لأني لا  أرى في جمهورية إيران (ولا في غيرها) أي شيء إسلامياً. لكني لا أنكر أنني لا زلت أبحث عن الآلية “الصحيحة” للتطبيق الفعلي لمفاهيم الإسلام الحق في السياسة وإدارة الدول).