وقفنا
بزنقة (درغوث باشا ) بحي باب البحر أمام باب مطلي باللون الأخضر وقد بهتت لونه بفعل
الازمنة التى مرت عليه ،رغم ذلك شدنى للمكان وهج ما ،جذبنى لتناول المقبض والطرق
على الباب حتى قبل أن ارفع رأسي لأجد لافته تحمل وصفاً للمبنى، كانت مدرسة "عثمان باشا الساقزلي " أو كما عرفت لاحقاً
بعد الجلوس مع روادها بخلوة (الشيخ عمر الجنزوري) أحد علماء ليبيا الكبار.
أسُست هذه المدرسة من قبل الوالي العثماني عثمان
باشا عام 1654 م لغرض لتدريس العلوم الإسلامية في طرابلس بعد تدمير
الإسبان وفرسان القديس يوحنا لكافة المرافق الحيوية للمدينة بما في ذلك المدارس الشرعية
العتيقة مثل المدرسة المستنصرية التى تأسست على يد" ابن أبي الدنيا " في
العصر الحفصي .
وقد حافظت مدرسة عثمان باشا حتى وقت قريب على
التعليم الديني وفق نظام الحلقات في مختلف العلوم الإسلامية بشكل منتظم، كما أن المدرسين
الذين تعاقبوا على التدريس فيها، كانوا من أهم علماء ليبيا الذين تخرجوا على الرعيل
الأول، مما أضفى عليها طابع العراقة.
عندما طرقنا الباب أملاً في أن يفُتح باب التاريخ
لنا ، طرق أستاذ كريم مرة ومرتين وكانت الثالثة فاتحة الخير إذ فُتح الباب أخيرا من
قبل أحد حُراس ورواد هذه المدرسة الباب واستقبلنا
وكأنه يعرفنا منذ زمن طويل والجالسون بأخر ساحة المدرسة يمطروننا بعبارات الاستقبال
والترحيب ، ولا أجد كلمات لتصف مشاعرى بمجرد
أن وضعت قدمي على عتبة المدرسة .
عندما هممنا بالرحيل عطرنا الرواد ببعض المسك
وأنا أسير وظلي أمامي توسع القلب قليلاً ليترك مكان لمدرسة عثمان باشا مكاناً عزيزاً
ترحل إليه ذاكرتي كلما نشدت السكينة والصفاء ، وكلنا اردت أن اطرق باب التاريخ بلونه
الأخضر المطفي .
هذه التدوينة مهداه إلى الصديق والأخ محمد وإلى رواد مدرسة عثمان باشا الساقزلي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق