السبت، 7 يونيو 2014

أنْ تَــــــرحَل






يتراءى لك المغرب كما صوره ابن جلول في روايته(أنَّ ترحل)  كمجموعة من الشباب يقضون وقتهم على شرفة أحد المقاهي المُطلة على البحر ، يتسامرون ويدخنون الكيّف يضيعون وقتهم في اللعب ويتحسرون على الكيلومترات الاربعة عشر التي تفصلهم عن إسبانيا الحُلم ، والحرية ، والحياة الكريمة وكأني بإسبانيا تنتظر قدومهم !!، تدور أحداث الرواية بين طنجة تلك المدينة المغاربية العصيّة عن المألوف وبرشلونة .
أحد أبطال الرواية  هو عز العرب (عازل) كما يسمونه اصدقائه ،شاب درس القانون وتخرج وبحث عن وظيفة فصدت أمامه الأبواب فقضى ايامه لاعناً لحظه ساعياً للخروج من المغرب مهما كلفه الأمر ، تُعيّله أخته الوحيدة (كنزه ).
 كنزه تعمل في التمريض بمرتب زهيدٍ ، كانت مخطوبه لأبن عمها الذي قضى غرقاً في أحدى رحلات الموت (الهجرة الغير شرعية ) لإسبانيا ،هي ايضاً تُريد الرحيّل عن طنجة وعن الذكريات تُريد أن تولد من جديد.



تفتقد الرواية لعنصر التاريخ ، يبدو إن ابن جلول أراد فقط الكتاب عن الحياة اليومية لشباب المغرب وحلم الهجرة ومأساتها ، وبما أنه يكتب للقراء الفرنسيين فقد كثر في الرواية الايحاءات والصور الجنسيّة ،فصور المغرب كماخور كبير تقطعت فيه أواصر الأخلاق والرادع الديني .على هامش الرواية بحثت عن تاريخ طنجة ولأنني تعودت على أسلوب رضوى عاشور وابراهيم نصرالله وغيرهم في دمج التاريخ بالرواية وشخصياتها أدركت أن طنجة التي يلامس البحر والمحيط احضانها ،هي نفسها التي بدأ منها  أمير المشائين  ابن بطوطة رحلته حول العالم ليقضي 27 عاماً من الترحال يرسم خلالها بورتريه لأرجاء العالم ، ويبدو أن هواء طنجة تشبع بأنفاس ابن بطوطه ليرث ابنائها وابناء المغرب حُب المغامرة والترحال بحثاً عن حياةٍ أفضل .


أربعة عشر كيلومتراً تمثل لهم ثنائية لا بد أن تمر ببالهم وكيف لا ،وكم من صديق لفظته مياه البحر على شاطئ طنجة فحملوه على اكتافهم وواره الثرى ، المسافة بين طنجة و اسبانيا هي الحد الفاصل بين الولادة او الموت ، وخلال إبحارهم والمركب مكتظ بعدد يفوق حمولته والموج محيط بهم من كل جانب  يصبون أنظارهم تارة نوح الأمواج وتارة نحو النوارس ، ويتذكرون تلك الأسطورة التي تقول إن نوارس طنجة هي التي أنبأت نوح عليه السلام وهو في سفينته بأن الأرض قريبة منه ،عندما لمح عليها آثار الطين . ويغمضون اعينهم ويتمنون ان تنطبق الاسطورة على نوارس اسبانيا  علّ الولادة تأتي بسرعة !


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق