الثلاثاء، 22 أكتوبر 2013

دور المثقف الليبي في البناء "في ذكرى التحرير الثانية"





دور المثقف الليبي في البناء "في ذكرى التحرير الثانية"


غداً تحل الذكرى الثانية لتحرير ليبيا او كما يحلو للبعض عيد الزواج بأربعة  بعد 9 أشهر من اندلاع شرار الثورة في السابع عشر من فبراير أو الخامس عشر من فبراير ،تحرير صوري أم تحرير حقيقي كما يسميه البعض ،عندما تأتي لحدث مهم كهذا وتجد اختلاف الشعب حول تسميته وتعريفه تُدرك حقاً مقدار التشتت والضياع الذي طال الليبيين نتيجة 9 أشهر من القتال الضروس ،للحروب آثار نفسية ويبدو أن الشعب الليبي تأثر من هذه الحرب وزاد الوضع الحالي الذي تمر بيه ليبيا من زيادة التشتت والضياع ،الكل متذمر والكل فقد الأمل في انشاء الدولة التي انشدوا لها الأغاني مع بداية انطلاق الشرارة المختلف على موعدها  ومكانها ايضاً، لن نتكلم عن الأداء الحكومي التنفيذي الضعيف ولا الأداء التشريعي المتمثل في المؤتمر الذي يحمل صفة الضعف ايضاً  ولا الانفلات الأمني وازدياد نسبة الاغتيالات وتبادل الاتهامات ،و لا المصطلح الذي اضافه زيدان الى القاموس السياسي الشعب الليبي المتمثل في "المماحكات" السياسية ،فالمماحكات طالت كل شيء في ليبيا واصبحت اسلوب حياة هنا .
لكن لنتكلم عن فترة الثورة قليلاً تلك الفترة التي جمعت القلب على القلب ولعل جمعها كان بسبب التخلص من ظل رجل طغى على دولة كاملة واخفاها بين ثنايا عباءته السوداء ، ظننا كُلنا أن بناء الدولة سهل جداً وأن كل الشر يتجمع في ثنايا روح ذلك الطاغية متناسيين أنا سنواجه تركة عظيمة من الفساد  الذي نخر مؤسسات الدولة والبطانة المحيطة به التي لن تسلم بسهولة لغياب عباءة العقيد ، النظام الإقليمي المتصل بهذا الرجل ، مخاوف الدول ان تمكنت ليبيا من تأسيس نظام ديمقراطي عادل يغري شعوب لها نفس سمات ووضعية الشعب الليبي بنفض عباءة طغاتها هي ايضاً. .ووجدنا انفسنا بعد التحرير بدل أن نلتفت لبناء الدولة نصارع كيانات ودول ترغب في ارهاق وتشتيت شعب مرهق ومشتت في الأصل
في العالم  يقال  إن البلدان المصدرة للنفط مكتوب عليها الاستبداد والركود تحت قاعدة لعنة الموارد الطبيعية وليبيا إلى الآن تحاول أن تكون استثناء وتثبت للجميع ما قاله ارسطو يوماً "من ليبيا يأتي الجديد" 
لنأتي لما يمكن أن نقوم به كشعب وسأتكلم عن طبقة مهمة غائبة عن الحراك الوطني لنشوء الدولة  : يُدرك الجميع أننا نفتقد لطبقة المثقفين الحقيقيين ودعوني اوضح معنى التعريف الحقيقي لكلمة مثقف ودوره كما جاء على لسان المفكر الفلسطيني إدوار سعيد "فمفهومي لمصطلح المثقف أو المُفكر يقول أنه ,في جوهره , ليس داعيةَ مُسالمةٍ ولا داعية اتفاق في الآراء, لكنه شخص يخاطر بكيانه كله باتخاذ موقفه الحساس, وهو موقف الإصرار على رفض الصيغ السهلة , والأقوال الجاهزة والتأكيدات المهذبة القائمة على المصالحات اللبقة والاتفاق على كل ما يقوله وما يفعله أصحاب السلطة وذوو الأفكار التقليدية.ولا يقتصر رفض المثقف على الرفض السلبي, بل يتضمن الاستعداد لإعلان رفضه على الملأ وهو ايضاً" المثقف هو الشخص الملتزم والواعي اجتماعيا بحيث يكون بمقدوره رؤية المجتمع والوقوف على مشاكله وخصائصه وملامحه وما يتبع ذلك من دور اجتماعي فاعل من المفروض أن يقوم بتصحيح مسارات مجتمعية خاطئة
لو كان لدينا هذه الطبقة لكانوا اول المسامير وأهمها الضاربة في تابوت النظام الجماهيري ولكن كلنا نعرف ما سمة المثقفين الذين نمتلكهم حالياً ، وكما يذكر إدوارد سعيد "يجب دائما على المرء أن يبدأ مقاومته من وطنه ضد السلطة كمواطن يمكنه التأثير"، لماذا كان من الأهمية وجود مثقفين من هذه  النوعية ببساطة وكما فسر ادوار مرة اخرى هذا الأمر على ان المثقف شخص ملتزم بمبدأ واعي اجتماعياً هذا الوعي يمكنه من رؤية المجتمع والوقوف على مواطن الخلل وملامح المشكلة فيقوم بتصحيح مسار هذا المجتمع من خلال تبنيه مشروع معين يُطبقه على أرض الواقع وليس في الفنادق . وجود مثقفين من هذا النوع كان سينشأ مع مرور الوقت تيار واعي ضاغط كان بحلول نهاية الثورة سيملأ الفراغ  ويوجه الشارع الليبي الى النقاط المهمة والخطوات اللازمة لبناء الدولة بدل استنزاف ما تبقى من قوة وصبر هذا الشعب في اشياء تزيد من تشتته وضياعه  .
نأتي للحل على مستوى الطبقة القيادية ولا ضير ان نعترف أن الجميّع قد فشل ،المطلوب حالياً  لبناء الدولة  وإظهار الهوية الوطنية ان نمتلك قيادة جيدة،  وروح جماعية مستعدة للتوافق على اسس صحيحة ،قيادة تُدرك كيفية خلق توازنات مع القوى الإقليمية المحيطة بليبيا ، قيادة لا تشعر بالخجل من طلب المساعدة من الأمم المتحدة لبناء مؤسسات الدولة ،قيادة تؤسس لخطاب جامع  مستمر  يحاول اخراج الليبيين من التشتت والضياع ،قيادة تعيد ترميم الثقة المفقودة بين الحاكم والمحكوم ،كل ذلك يُدرك أي عاقل أنه يحتاج لوقت يعتبر طويل عند بعض الليبيين ولكن هكذا تبنى الدول .

يرى البعض ان  الذكرى السنوية لعيد التحرير مع اوضاع البلاد السيئة شيء يدعو لفقدان الأمل من دولتنا ،ولكنها مناسبة لإعادة ترتيب اولويات هذا الشعب والقيادة الموجودة حالياً .
يجب ان يكون خطاب التحرير بعيد كل البعد عن اجترار تاريخ تلك المرحلة المشرفة من الثورة  والتذكير بمساوئ ذلك الطاغية  دون استخدامها في اعادة قراءة المشهد لتوضيح الصورة للشعب  ليدركوا ما يُحاك لهم  حقاً  من قبل بعض القوى الإقليمية  يجب ان يكون اجترار له فوائد وليس فقط لملء الفراغ في الخطاب  ،يجب ان يكون الخطاب رسالة قوية لليبيين انفسهم  يجب ان ُنبه الليبيين  ان قوة الداخل الليبي  تمنع أي انزلاق نحو الهاوية ، يجب ان يكون الخطاب غداً كالصفعة القوية التي تعيد قطار الدولة إلى مسارها الصحيح .

أتمنى أن يُدرك من هم على سدة الحُكم هذه النقطة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق