الرحلة الأصعب ..فدوى طوقان
الرحلة الأصعب عنوان الجزء الثاني للسيرة الذاتية لشاعرة
فلسطين فدوى طوقان
استهلت فدوى هذه السيرة بذكرى يوم
حزين ومفصلي في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي
،ذكرى حرب حزيران واحتلال ما تبقى
من أرض فلسطين.
تتحدث فدوى خلال ما يمكن ان
يصنف كيوميات عن حياة المثقف الفلسطيني بشكل خاص والشعب بشكل عام ، ونلاحظ أن فدوى
تركز على مثقفي الداخل الفلسطيني أي عرب 48 ومقاومتهم المستمرة لمحاولات التغريب
الذي تقودها الأجهزة الاسرائيلية . حيث
تذكر كل من محمود درويش وسميح قاسم وما
تعرضا له من تضييق ودورهما في التعريف بالقضية الفلسطينية وإن كانا قد شاركا في أي
محفل دولي ضمن البعثة الإسرائيلية .
و تتحدث فدوى بأسها عن
دورها ودور اقرانها من المثقفين في محاولة
ايصال الصورة الصحيحة حول القضية الفلسطينية لمثقفي الغرب ، وكيف منع الاحتلال بيع
الكتب العربية من المكتبات ومنع نشر قصائد لشعراء المقاومة التي تعد واحده منهم ،
وكيف وصل الأمر إلى محاولة منع تداول كلمة فلسطين كمحاولة لوأد القضية الفلسطينية
تضمنت اليوميات شرحاً لأسباب
كتابة بعض القصائد كقصيدة (آهات أمام شباك التصاريح ) والتي اتخذت بداياتها في ذهن
صاحبتها عندما أقر الاحتلال الصهيوني
متمثلاً في وزير دفاعه موشي ديان نظرية الجسور المفتوحة ليسمح بالتواصل مع الضفة
الشرقية وذلك بعد عام من النكبة ،وكانت عملية الحصول على تصاريح للسفر والعبور من
خلال جسر "اللنبي- المعروف حاليا باسم جسر الملك حسين " اول الجسور
المفتوحة بعد اعادة بنائه من أصعب العمليات وبين زحمة الحشود الهائلة المشتاقة
لرؤية الغائبين عنهم منذ عام وبين تعنت وغطرسة جنود الاحتلال كتبت فدوى طوقان قصيدتها التي جاء فيها
وقفتي بالجسرِ أستجدي العبورْ
آه، أستجدي العبورْ
اختناقي ، نَفَسي المقطوعُ
محمولٌ على وهج الظهيره
سبعُ ساعاتِ انتظارْ
ما الذي قصَّ جناح الوقت ،
من كسّح أقدام الظهيره ؟
يجلد القيظ جبيني
عرقي يسقط ملْحاً في جفوني
آه ، آلاف العيون
علّقتها اللّهفة الحرَّى مرايا
ألمٍ
فوق شباك التصاريح، عناوين
انتظارٍ واصطبار
آه نستجدي العبور
ويدوّي صوت جنديٍّ هجينِ
لطمةً تهوي على وجه الزحام:
(عربُُ،
فوضى، كلاب
ارجعوا، لا تقربوا الحاجز،
عودوا يا كلاب)
ويد تصفق شباك التصاريح -
تسدّ الدرب في وجه الزحام
آه، إنسانيتي تنزف، قلبي
يقطر المرَّ، دمي سمٌ ونار
(عرب،
فوضى، كلاب ..) !
آه، وامعتصماه !
آه يا ثار العشيره
كل ما أملكه اليوم انتظار ...
ما الذي قصَّ جناح الوقت،
من كسّح اقدام الظهيره ؟
يجلد القيظ جبيني
عرقي يسقط ملحاً في جفوني
آه جرحي !
مرَّغ الجلاَّد جرحي في الغام
* * *
ليت للبرَّاق عيناً ..
آه يا ذلّ الإسار !
حنظلاً صرت، مذاقي قاتلٌ
حقدي رهيب، موغل حتى القرار
صخرةٌ قلبي وكبريتٌ وفوَّارةُ
نار
ألف "هندٍ" تحت جلدي
جوع حقدي
فاغرٌ فاه، سوى أكبادهم لا
يُشبعُ الجوعَ الذي استوطن جلدي
آه يا حقدي الرهيبَ المستثارْ
قتلوا الحب بأعماقي، أحالوا
في عروقي الدَّم غسليناً وقار !!
وقد تعرضت فدوى لهجمة شرسة من
الصحافة الاسرائيلية بسبب هذه القصيدة ولقبت بأكلة الكبد واشار بعض مثقفي اسرائيل
ان قصيدتها تدل على مدى كره الفلسطينيين لليهود مستندة على ابيات جاءت في قصيدتها
جوع حقدي
فاغرٌ فاه، سوى أكبادهم لا
يُشبعُ الجوعَ الذي استوطن جلدي
آه يا حقدي الرهيبَ المستثارْ
إلا ان جواب فدوى على تساؤلات بعض الصحفيين الإسرائيليين كان حجة
عليهم حيث اشارت انها استعارت ابياتها من ابيات لأحد كبار الشعراء الإسرائيليين "مناحيم بيالك" عنوانها (أناشيد
باركوخبا) مخاطبا فيها العدو الروماني
لقد جعلتمونا حيوانات مفترسة
وبقساوة وغضب
سوف نشرب من دماءكم
ولا نرحمكم
إذا انتفض كل الشعب
وقام يقول :الانتقام!
ثم تنقلنا فدوى في يومياتها إلى
جزء مستضعف وخفي يمثله بعض مثقفي اسرائيل اصحاب الانسانية ، فتذكر فدوى لقائها بعدد
كبير مع هؤلاء المثقفين و ماهيّة الأحاديث والنقاشات التي دارت بينهم ، وكم كانت
تلك النقاشات مثمرة على الصعيد الشخصي والمعنوي
..ليبقى الايمان ان هناك بقية من الانسانية في هذا العالم
يحمل الكتاب ايضاً اشارة للقاء
فدوى بموشي ديان ، ولقائها بعد سنوات من
الفراق بمحمود درويش وكم امعنت فدوى في
ذكر محاسن شعر محمود ومدى قدرته على تشكيل اللغة واعادة صياغتها
كما تخللت اليوميات لقاء لفدوى مع جمال عبدالناصر و
قصيدة لرثائه بعد موته
في مساء السبت الثاني عشر من شهر ديسمبر عام 2003 ودعت فدوى طوقان الدنيا عن عمر يناهز السادسة والثمانين عاما قضتها مناضلة بكلماتها وأشعارها في سبيل حرية فلسطين، وكُتب على قبرها قصيدتها المشهورة:
كفاني أموت عليها وأدفن فيها
وتحت ثراها أذوب وأفنى
وأبعث عشباً على أرضها
وأبعث زهرة إليها
تعبث بها كف طفل نمته بلادي
كفاني أظل بحضن بلادي
وتحت ثراها أذوب وأفنى
وأبعث عشباً على أرضها
وأبعث زهرة إليها
تعبث بها كف طفل نمته بلادي
كفاني أظل بحضن بلادي
تراباً، وعشباً، وزهرة
سارة علي عبدالنبي
11مايو 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق